في قطاع غزة أصبح مشهد السكان الذين يضعون كمامات طبية علي أنوفهم مشهدا معتادا كخطوة وقائية من الروائح النفاذة التي تخلفها عوادم المركبات التي تستخدم زيت الطعام في عملية التشغيل بدلاً من السولار، الذي نفد من الأسواق وأصبح الحصول عليه أمرا صعبا، بسبب فرض اسرائيل قيوداً علي توريده الي القطاع، وارتفاع سعره الي نحو خمسة أضعاف عند تجار السوق السوداء . وقبل ثلاثة شهور فرضت اسرائيل قيوداً اضافية علي حركة التجارة الموردة للقطاع، وضمت المحروقات التي قلصت نسبتها الي نحو 70%، الي العشرات من الأصناف المحروم من رؤيتها سكان القطاع الساحلي، وهو ما دفع عددا كبيرا من سائقي سيارات الأجرة علي الفور الي استبدال السولار بـ زيت الطعام ، كبديل أساسي لكسب لقمة العيش ، لكن الروائح التي تنبعث من العوادم هي التي تقلق الغزيين الذين لجأ عدد كبير منهم ابان اشتداد أزمة المواصلات الي ركوب الحنطور ، خصوصا بعد نشر التحذيرات من الجهات الطبية المتخصصة، من أن هذه الروائح تحمل مواد مسرطنة ، ستظهر آثارها بعد ستة أشهر. وعلي الرغم من هذا الأمر لا يزال الغزيون يستخدمون سيارات زيت الطعام في حركة المواصلات شبه المشلولة، لكن مع توخي عدد منهم الحذر من خلال وضع الكمامات الطبية علي أنوفهم، هرباً من الرائحة وهاجس المرض الذي سيطاردهم، حتي أصبحت مشاهدة واضعي الكمامات أمرا معتادا في ظل زيادة العدد يومياً من قبل السكان. شابان كانا يسيران في شارع عمر المختار الرئيس في مدينة غزة، وأكثر شوارعها حيوية، وازدحاما بالسيارات، واضعين تلك الكمامات علي انفيهما، أحدهما وهو يدرس الهندسة قال اذا ما شاهدنا أحدا من خارج القطاع يظن أن مرض السارس انتشر هنا ، وتابع وضعها علي الأنف ليس من باب الخوف من المرض لكن لابعاد روائح الفلافل والبطاطا المقلية عن أنوفنا ، وغالباً ما يكون الزيت المستخدم في السيارة جري استخدامه من قبل في عملية القلي. وذكر أن كثيرا من زملائه يضعون هذه الكمامات. في غزة غالبية النساء يضعن أغطية علي الرأس، وهذا ما مكنهن من وضع طرف شال الرأس ، علي الأنف كبديل عن الكمامة الطبية ، التي لا تتلاءم ومظهر النساء، وتذكر احداهن أنها أصبحت لا تخرج من المنزل الا مضطرة، وأنها لا تخرج بطفلها وعمره عامان، الا للشيء الضروري مع وضع الكمامة علي أنفه، لكنها تساءلت الي متي سيبقي هذا الحال؟ . وفي الآونة الأخيرة وصل عدد من الحالات المرضية الي المشافي جراء استنشاقهم الدخان المنبعث من عوادم السيارات، وكانت غالبية المرضي تعاني من دوار واغماء مفاجئ، وينصح الأطباء المرضي بالمكوث في المنزل، والابتعاد قدر الامكان عن الشوارع، كون أن عملية الاحتراق غير الكاملة الناتجة عن استخدام زيت الطعام ، هي ما تلحق هذا الضرر بسبب احتوائها علي مواد مسرطنة خطيرة .ونصح مؤخراً الخبير البيئي الدكتور يوسف أبو صفية السكان باستخدام الكمامة كخطوة وقائية لتجنب الأزمة. وفي غزة تقوم الحكومة المقالة التي تديرها حركة حماس بتوزيع كوبونات الوقود علي مركبات الأجرة لتخفيف الأزمة، لكن الكمية المتـــــاحة للسائقين غير كافية، مما يجعلهم معتمدين أكثر علي زيت الطعام ، الذي حول الشوارع الي مطابخ متحركة، خاصة بعد ان استبدلت محطات تعبئة الوقود بـ بسطات بأعداد غير معهودة مخصصة فقط لبيع الوقود الجديد الذي ارتفع ثمنه الي أكثر من النصف.الوقود .. وانتشار الكمامات بغزة هرباً من روائح السيارات